آفاق رسملة الأصول غير الملموسة
وصلت الأصول غير الملموسة إلى مكانة بارزة في عالم الأعمال في أواخر القرن العشرين وستستمر بالتأكيد في احتلال مركز الصدارة في المستقبل. تختلف الأصول غير الملموسة بطبيعتها عن الأصول الملموسة (المادية والمالية). هذه الاختلافات مسؤولة عن الإمكانات الفريدة للأصول غير الملموسة لتوليد قيمة اقتصادية هائلة ونمو، على مستوى الشركات وعلى المستوى الوطني.
وقد زادت الاستثمارات في الأصول غير الملموسة، بما في ذلك البحث والتطوير (R&D) وتطوير البرمجيات، بشكل ملحوظ خلال العشرين عامًا الماضية، وظلت الاستثمارات في الأصول الملموسة (مثل المباني والمرافق ومعدات المصانع) دون تغيير إلى حد كبير. ويُعزى التحول نحو الاستثمار في رأس المال الفكري إلى التطورات غير المسبوقة في تقنية المعلومات والاتصالات والإنترنت والمنافسة المخيفة التي سببتها عولمة السوق في العصر الحديث، حيث أنه لا ترتبط القيمة فقط بتخصيص رأس المال أو الأصول الملموسة، ولكن أيضًا بالابتكار والمعرفة، والتي تعتبر من الموارد الرئيسية المنتجة للثروة.
وفي مؤسسات البحث والتطوير، تعتبر الأصول غير الملموسة محركًا رئيسيًا للابتكار والقيمة التنظيمية. كما يعد تخصيص وتوزيع الموارد غير الملموسة قرارًا استراتيجيًا مهمًا للمنظمات، ويتم تحديد الأصول غير الملموسة كمورد رئيسي ومحركاً لأداء المؤسسة وخلق القيمة، والميزة التنافسية، وما تولده من قيمة للمساهمين ونمو الشركة.
وقد تتدفق المنافع الاقتصادية المستقبلية من أصل غير ملموس، وتشمل الإيرادات بيع المنتجات أو الخدمات أو التوفير في التكاليف أو غير ذلك. والفوائد الناتجة عن استخدام الأصل من قبل الشركة. على سبيل المثال، قد يقلل استخدام الملكية الفكرية في عملية الإنتاج مستقبلاً من تكاليف الإنتاج أو الخدمة المستقبلية بدلاً من زيادة الإيرادات المستقبلية؛ (فعلى سبيل المثال، نظام عبر الإنترنت يسمح للمواطنين بتجديد رخص القيادة بشكل أسرع، سيؤدي إلى تقليل عدد الموظفين المطلوبين في المكتب لتأدية هذه الوظيفة مع زيادة سرعة المعالجة).
كما أن البرمجيات المرسملة يتم رسملتها أولاً ثم يتم استهلاكها بدلاً من صرفها. وسيؤدي ذلك إلى انخفاض النفقات المبلغ عنها وبالتالي ارتفاع صافي الدخل، وبالملاحظة فإن قرار الرسملة لغرض مبادئ المحاسبة المقبولة عموماً لا يستلزم فعل الشيء نفسه للأغراض الضريبية. نتيجة لذلك تفضل الشركات إظهار دخل صافٍ أعلى لأغراض رسملة تكاليف البرمجيات.
وقد أصـبـحـت الأصول غـيـر الملموسة مـثـل أسـمـاء العلامات الـتـجـاريـة والـتـراخـيـص وعلاقات العملاء الموردين والبراءات والـبـرامـج المطورة بـشـكـل مـلـحـوظ عاملا أساسيا لـقـيـمـة الأعمال في الـممـلـكـة، ويـتـمـاشـى ذلـك مـع رؤيـة المملكة 2030 في تـنـويـع الاقتصاد الـسـعـودي. وسـيـسـتـمـر تـركـيـز أصـحـاب المصلحة بما في ذلـك الإدارة والمساهمين والـهـيـئـات الـتـنـظـيـمـيـة عـلـى تـطـويـر الأصول غـيـر الملموسة في المستقبل الـقـريـب حـيـث أصـبـح تـطـويـر هـذه الأصول وتـنـمـيـتـهـا وحمايتها حجر أساس للحصول على أعمال رائدة وزيادة قيمة رأس مالها.